اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 332
والفواسد توبيخا وتقريعا أَفَلا تَتَّقُونَ ولا تحذرون من بطشه وانتقامه فلم تشركون له ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى من الحق شيئا
وبالجملة فَذلِكُمُ الذي قد اعترفتم به هو اللَّهُ المتوحد المستحق للالوهية والمعبودية إذ هو رَبُّكُمُ مربيكم ومدبر أموركم وهو لا غيره الْحَقُّ الثابت المتحقق الحقيق بالحقية فَماذا بَعْدَ ثبوت الْحَقُّ الواحد الأحد الفرد الصمد المنزه عن التعدد والتكثر مطلقا مما اتخذتم آلهة ظلما وزورا إِلَّا الضَّلالُ الباطل العاطل فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ايها الحمقى المسرفون المفرطون وكيف تنصرفون وترجعون الى غيره من الاظلال الهالكة المستهلكة وتنسبونها الى الألوهية والربوبية ظلما وعدوانا
كَذلِكَ اى مثل ما سمعت من ثبوت الألوهية والربوبية له سبحانه حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ اى قد ثبتت وتمت صدقا وعدلا بحيث لا تبديل لكلماته أصلا عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا وخرجوا عن عبادة الله ظلما وعدوانا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ولا يوقنون بالله ولا يصلون الى التوحيد أصلا لا علما ولا عينا
قُلْ لهم يا أكمل الرسل إلزاما وتبكيتا هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ اى في وسعهم وقدرتهم مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ اى يوجده ثم يعدمه ثُمَّ يُعِيدُهُ في النشأة الاخرى كما هو شأن الإله المتفرد بالالوهية قُلْ يا أكمل الرسل بعد ما بهتوا اللَّهُ القادر المقتدر على عموم المقدورات يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ وكيف تشكون والى اين تصرفون وتنصرفون عن جادة التوحيد بالميل الى هؤلاء التماثيل الزائغة العاطلة المعطلة قُلْ يا أكمل الرسل لهم ايضا تبكيتا وإلزاما
هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى طريق الْحَقِّ وصراطه المستقيم الموصل الى توحيده سبحانه فان بهتوا قُلِ اللَّهُ الهادي لعباده يَهْدِي لِلْحَقِّ وطريق توحيده من يشاء من عباده ويوصله الى مرتبة حق اليقين أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ اى الى اليقين الحقي أَحَقُّ أليل وأحرى أَنْ يُتَّبَعَ اى يطاع وينقاد له أَمَّنْ لا يَهِدِّي ولا يهتدى بنفسه الى شيء أصلا إِلَّا أَنْ يُهْدى فاهتدى ان كان من اهل الاستعداد كبعض آلهتكم مثل عزيز وعيسى وبالجملة فَما عرض وأي شيء لحق لَكُمْ ايها الغفلاء المعزولون عن مقتضى العقل كَيْفَ تَحْكُمُونَ بالوهيتهم وشركتهم مع الله مع ان بديهة العقل تأبى عن ذلك
وَبالجملة ما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ اى اكثر المشركين في اشراك هؤلاء المنحطين عن درجة الاعتبار مع الله المنزه عن الشريك مطلقا إِلَّا ظَنًّا وتخمينا ناشئا عن تخيلات فاسدة وتوهمات كاسدة من اسناد الآثار الظاهرة الى ظواهر الأسباب مع الغفلة عن المسبب الموجد لها وبالجملة إِنَّ الظَّنَّ والتخمين الذي قد تمسكوا وتشبثوا به لا يُغْنِي ولا يفيد مِنَ الْحَقِّ الصريح الذي هو مناط الايمان والاعتقاد شَيْئاً من الإغناء إِنَّ اللَّهَ المطلع بجميع مخائلهم عَلِيمٌ خبير بصير بِما يَفْعَلُونَ بمقتضى ظنونهم وخيالاتهم واوهامهم فيجازيهم على مقتضى علمه وخبرته وبعد ما نبه سبحانه على بطلان اعتقاداتهم وظنونهم وجهالاتهم أراد ان ينبه ان مستند اهل الايمان الذي هو القرآن الموضح لهم طريق التوحيد والعرفان ليس كذلك
فقال وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ المنزل على خير الأنام المبين لهم قواعد دين الإسلام أَنْ يُفْتَرى ويخيل انه قد صدر مِنْ دُونِ اللَّهِ العليم الحكيم وكيف يصدر هذا من غير الله إذ هو في أعلى مراتب البلاغة ونهاية درجات الاعجاز لصدوره عن الحكمة المتقنة الإلهية التي كلت الافهام دونها وعجزت عموم المدارك والآلات عن دركها فلا يتوهم صدوره عن غير الله أصلا وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 332